الذكاء العاطفي

لم يعلمونا كيف نكون أذكياء عاطفياً لنمنع أي شخص يحاول خداعنا وهذا ما يحصل في مجتمعاتنا العربية وخاصة مع الفتيات !

فهم العواطف 

العواطف هي جزء لا يتجزأ من تجربتنا البشرية. إنهم يلعبون دورًا مهمًا في تشكيل أفكارنا وسلوكياتنا ورفاهنا بشكل عام أساسي . وبالتالي فهم العواطف أمرًا ضروريًا للنمو الذاتي وبناء علاقات صحية مع الآخرين والمجتمع. في هذا القسم، سوف نستكشف الجوانب المختلفة للمشاعر وتأثيرها على حياتنا بكل عام بإذن الله، واستراتيجيات خاصة لتطوير الذكاء العاطفي. 

طبيعة المشاعر

سأتكلم إصطلاحاً ومن ثم سأفسر لكم ،المشاعر هي استجابات نفسية وفسيولوجية وهرمونية معقدة للمؤثرات الداخلية والخارجية المحيطة بنا . وغالبًا ما تكون مصحوبة بأحاسيس جسدية محددة، مثل زيادة معدل ضربات القلب لدرجة سماعها أو التعرق الشديد أو تغيرات في تعبيرات الوجه ولغة الجسد.... يمكن أن تتراوح المشاعر الأساسية مثل السعادة والحزن والغضب والخوف والمفاجأة إلى المشاعر الأكثر تعقيدًا مثل الحب والغيرة والشعور بالذنب والعار . 

تعمل العواطف كشكل من أشكال التواصل العام، حيث تزودنا بمعلومات قيمة عن أنفسنا وعن العالم المحيط من حولنا. يمكنهم تحفيزنا على اتخاذ الإجراءات وعملية صنع القرار لدينا، والتأثير على علاقاتنا مع الآخرين بغض النظر عن مدى قربهم. ومع ذلك، يمكن أيضًا أن تكون المشاعر ساحقة وصعبة التنقل، خاصة عندما تكون شديدة أو متضاربة وهذا يختلف من شخص لآخر بحسب ما يشعر به. 

أهمية الذكاء العاطفي 

يشير الذكاء العاطفي للقدرة على التعرف على عواطفنا وفهمها وإدارتها بشكل متوازن، بالإضافة إلى عواطف الآخرين. إنه يندرج تحت إدراك حالاتنا العاطفية والحالة النفسية التي نكون عليها، والتعبير بشكل فعال عن هذه المشاعر( هل تعلم أن أغلب الناس لا تعرف ولا تستطيع أن تصف ما تشعر به من أحاسيس ). 

يعد تطوير هذا الذكاء المميز أمرًا أساسياً وضروريًا للنجاح الشخصي والمهني والأُسري، لأنه يمكننا من التنقل في التفاعلات الاجتماعية، واتخاذ قرارات مستنيرة وصحيحة، والتعامل مع التوتر والشدائد وقت الأزمات. 

التعرف على العواطف وتصنيفها

أولاً يجب فهم المشاعر وتسميتها وتصنيفها بدقة. يعاني العديد من الأشخاص من صعوبة تحديد مشاعرهم والتعبير عنها ووصفها، مما قد يؤدي إلى الارتباك وصعوبة إدارتها بفعالية والوقوع بالمشاكل. 

لتطوير ذكائنا العاطفي، نحتاج في البداية إلى تنمية مهارة الوعي العاطفي. إحدى هذه الطرق تحسين الوعي العاطفي من خلال ممارسات اليقظة الذهنية. بالانتباه إلى اللحظة الحالية دون إصدار أحكام أبداً. من خلال ممارسة اليقظة الذهنية، يمكننا مراقبة أفكارنا ومشاعرنا وأحاسيسنا الجسدية دون الوقوع فيها. يتيح لنا ذلك تطوير فهم أكبر لتجاربنا العاطفية وأن نصبح أكثر انسجامًا مع حالاتنا الداخلية. أسلوب آخر مفيد هو الاحتفاظ بدفتر المشاعر. خذ بضع دقائق كل يوم للتفكير في مشاعرك وكتابة ما تشعر به دون خجل أو تحفظ أبداً. كن محددًا ودقيقاً، مع ملاحظة كل عاطفة ومدتها وتأثيرها على لغة جسدك. مع مرور الوقت، ستساعدك هذه الممارسة على أن تصبح أكثر دراية بمشهدك العاطفي وتطويرها وتحديد الأنماط أو المحفزات التي تؤثر على مشاعرك وما هو الأكثر تأثيراً عليك. 

فهم عمل العواطف 

مهمة العواطف ووظائفها مختلفة في حياتنا، فإنهم يزودوننا بمعلومات قيمة حول احتياجاتنا ورغباتنا وقيمنا المكبوتة. سأعطيكم المثال المتكرر في حياتنا، تشير مشاعر الفرح والرضا إلى تلبية احتياجاتنا، في حين أن الغضب أو الإحباط قد يشير إلى انتهاك حدودنا أو قيمنا. ( إقرأ الجملة الماضية مرة أخرى ولا تنساها في حياتك ) .

إن من خلال فهم وظيفة عواطفنا، سيمكننا الحصول على نظرة ثاقبة لأنفسنا واتخاذ قرارات مستنيرة ذات وعي عاطفي عالي. لأن العواطف تلعب أيضًا دورًا حاسمًا في التفاعلات على مستوى المجتمع . إنها تساعدنا على التواصل مع الآخرين، وإقامة علاقات ذات معنى وجودة وفائدة. مثلاً، إظهار التعاطف والتفهم تجاه شخص حزين أو منزعج يمكن أن يقوي الرابطة بين الأفراد ( دون أن تتأثر سلباً به ). ومن خلال تنمية هذا التعاطف، يمكننا أن نفهم مشاعر الآخرين ونستجيب لها بشكل أفضل دون أن نخدع أو ننخدع ، مما يعزز علاقات أكثر صحة وإشباعًا للطرفين. 

إدارة وتنظيم الذكاء العاطفي  

لا يتوقف الذكاء العاطفي على التعرف على العواطف وفهمها فحسب، بل يشمل أيضًا إدارتها وتنظيمها بشكل فعال . هذه المهارة مهمة بشكل خاص عند مواجهة المواقف الصعبة أو العصيبة. فيما يلي بعض الحلول والاستراتيجيات التي تساعدك في التحكم في عواطفك:

  1. الوعي الذاتي : انتبه إلى حالتك العاطفية وحدد المشاعر المحددة التي تمر بها. اعترف بمشاعرك وتقبلها دون إصدار أحكام ودون فلسفة الصح والخطأ.
  2. التنظيم الذاتي : بمجرد أن تكون على دراية بمشاعرك وفهما، مارس فوراً تقنيات التنظيم الذاتي لإدارتها بفعالية. عن طريق تمارين التنفس العميق شهيق كتم زفير، أو ممارسة النشاط البدني مثل الرياضة أو الطبخ، أو الأنشطة التي تجلب لك السعادة والاسترخاء.
  3. إعادة الصياغة المعرفية : تحدي الأفكار السلبية أو غير المفيدة التي تساهم في المشاعر السلبية. استبدلها بأفكار أكثر إيجابية وواقعية لتغيير حالتك العاطفية، خذ الأمر ببساطة ودون تعقيد ، فكرة سلبية اعكسها مباشرة . 
  4. اطلب الدعم : تواصل مع الأصدقاء الصدوقين أو أفراد العائلة المحبين أو المتخصصين الموثوق بهم عندما تحتاج إلى الدعم في إدارة مشاعرك. التحدث عن مشاعرك يمكن أن يوفر منظورًا ويساعدك على اكتساب رؤى جديدة لم تكن تعرفها.
  5. ممارسة الرعاية الذاتية : الانخراط في الأمور التي تعزز الرعاية الذاتية والرفاهية. وتشمل الحصول على قسط كافٍ من النوم، وتناول نظام غذائي متوازن، وممارسة الهوايات، وممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل أو التنفس شهيق مرتين وزفير مرة.

زراعة الذكاء العاطفي 

إن تطوير الوعي العاطفي هو عملية مستمرة تتطلب الممارسة والتأمل الذاتي. سأعطيك على بعض الاستراتيجيات لتنمية الوعي العاطفي:

  1. ممارسة الامتنان : اشكر الله وثم نفسك على فهم مشاعرك ووجهة نظرك.
  2. تطوير المرونة العاطفية : إن قدرتك على التعافي من النكسات والشدائد والصدمات هي قوة لا مثيل لها، فهي التحديات كفرص للنمو والتعلم من الإخفاقات لتصل إلى النجاح المستمر.
  3. تعزيز الوعي الذاتي : فكر باستمرار في عواطفك وأفكارك وسلوكياتك ولا تخجل منها. لاحظ الأنماط والمحفزات التي تؤثر على استجاباتك العاطفية لتتحكم بها.
  4. اطلب التعليقات : اطلب التعليقات من الأفراد الموثوقين للحصول على نظرة ثاقبة حول كيفية تأثير عواطفك وسلوكياتك على الآخرين. استخدم هذه التعليقات لإجراء تغييرات إيجابية تكون لصالحك.
  5. التعليم المستمر : اقرأ الكتب، أو احضر ورش العمل، أو خذ دورات حول الذكاء العاطفي أو شاهد أعمالي لتعميق فهمك وتطوير مهارات جديدة والقدرة على التحكم أكثر في حياتك.

من خلال فهم الذكاء العاطفي وتنميته، يمكنك تعزيز وعيك الذاتي ورفعه إلى مستويات عالية جداً، وتحسين مستوى العلاقات، والتغلب على تحديات الحياة بمرونة وفعالية أكبر من الماضي. 

تعد المشاعر جزءًا أساسيًا من كونك إنسانًا ذو قيمة، ومن خلال احتضانها وفهمها والدخول بعمقها، يمكنك رفع مستوى نموك الشخصي ورفاهيتك في الحياة.

 أنت ذو قيمة عليا في هذه الحياة ولديك أهداف من حقك أن تراها وتعيشها وأن تنغمس في رسالتك التي خلقت بسببها، إبدأ الآن بحب مع نفسك لتصل إلى الله لتحقق ما تتمناه...

نضال اللحام