الدخول في الوعي الذاتي

 الوعي الذاتي هو جانب أساسي من النمو الشخصي والتنمية الذاتية والبشرية والوصول الحقيقي إلى الله. إنه ينطوي على فهم واضح لأفكارك ومصدرها وعواطفك وتكوينها ونقاط قوتك وضعفك وقيمك ونفسك وكل شيء محيط فيك. يتيح لك بناء الوعي الذاتي اكتساب نظرة ثاقبة لسلوكياتك و ردة فعلك والتمكين في الأرض، مما يساعدك بدوره على اتخاذ القرار بشكل أفضل مع تحسن في علاقاتك وتحقيق أهدافك بإذن الله بكل سهولة ويسر. 

 أهمية الوعي الذاتي

دقق معي بكل كلمة لما سأحدثك عنه ، يعد الوعي الذاتي أمرًا بالغ الأهمية لأنه يوفر أساسًا متينًا للنمو الشخصي والتطور الذاتي بعمق وصدق . عندما تكون واعيًا بذاتك، يكون لديك فهم أعمق ( من أنت وماذا تريد ! هذا أهم سؤال بالوجود ستجيب عنه ). 

فهو يسمح لك بتحديد نقاط قوتك وضعفك والاستفادة منها لصالحك والعمل على تحسينها. يلعب الوعي الذاتي أيضًا دورًا مهمًا مع العلاقات . عندما تكون على دراية بمشاعرك وردود أفعالك والتحكم بأفكارك ومتصالح مع نفسك ومتسامح لكل شيء مر بحياتك وماذا تريد من هذه الدنيا وما هي الغاية من وجودك في الحياة وكيف تتصل بالله فأنت إنسان واعي .


تطوير الوعي الذاتي 

إن تطوير الوعي الذاتي هو عملية مستمرة ولا متناهية تتطلب التفكير والتأمل والرغبة القوية في استكشاف أفكارك وعواطفك وفهمها لتفهم نفسك. هذه بعض الاستراتيجيات والحلول ستساعدك على بناء الوعي الذاتي: 

1. فكر في أفكارك ومن أين تأتي ! وعواطفك ومن يتحكم بها ! خذ وقتك، يمكن القيام بذلك من خلال تدوين اليوميات أو التأمل أو مجرد النظر للطبيعة أو للحيوانات أو السماء أو الكون وإبداع الخالق الأعظم بمخلوقاته. 

انتبه إلى الأنماط والمواضيع المتكررة في أفكارك وعواطفك. هل هناك أي محفزات تثير باستمرار مشاعر معينة؟  مثل الحزن أو الفرح أو الغصب ....، من خلال فهم أنماط تفكيرك واستجاباتك العاطفية المرفقة مع ردة فعلك، يمكنك الحصول على نظرة ثاقبة لمعتقداتك وقيمك الأساسية. 

2. اطلب رأي الآخرين من الأصدقاء الأوفياء الموثوقين أو أفراد العائلة الصادقين أو الزملاء المحبين لتقديم تعليقات حول نقاط القوة والضعف لديك والمهارات التي تملكها. في بعض الأحيان، يمكن للآخرين رؤية أشياء عنا قد لا ندركها ولا نراها بأنفسنا بسبب الحواجز والبلوكات العقلية التي زرعت في عقلنا الباطن . كن منفتحًا لتلقي النقد البناء واستخدمه كفرصة للنمو. تذكر أن التعليقات ليست انعكاسًا لقيمتك كشخص ذو قيمة ، بل هي فرصة للتعلم والتطور الذاتي فقط ، ( وإذا لم تجد أحد يساعدك قم وانظر في المرآة وخذ دور حيادي تمامآ مع من تراه ، ستذهل من النتائج ). 

3. ممارسة اليقظة الذهنية اليقظة الذهنية هي ممارسة التواجد الكامل في اللحظة الحالية ومراقبة أفكارك وعواطفك وأحاسيسك دون إصدار أحكام على أي شيء. 

من خلال تنمية اليقظة الذهنية سيمكنك تطوير وعيك أكبر بتجاربك الداخلية وكيفية تأثيرها على سلوكك. انخرط في أنشطة مثل التأمل الذاتي بينك وبين نفسك أو تمارين التنفس العميق الشهيق والكتم والزفير أو المشي اليقظ لتعزيز قدرتك على البقاء حاضرًا ومراقبة أفكارك وعواطفك دون إصدار أحكام، كن في دور المراقب فقط . 

4. استخدم أدوات الذكاء العاطفي، هل لديك القدرة الكاملة في التحكم بمشاعرك! استخدم تمرين بسيط أن ترى مقطعاً مضحكاً بالنسبة لك ولكن حاول أن لا تضحك ولا تحزن ! إذا استطعت السيطرة على مشاعرك فأنت لديك القدرة في التحكم بالذكاء العاطفي وليس من السهل الانصياع للآخرين الذين يحاولون إستعطافك مثل العشاق وهم الذين يتسولون المشاعر من الناس .

5. اطلب المساعدة المتخصصة إذا وجدت صعوبة في تطوير وتنمية وعيك الذاتي بنفسك، ففكر في طلب التوجيه من معالج أو مدرب أو مستشار أو شخص ذو وعي مرتفع. يمكن لهؤلاء المحترفين تزويدك برؤى ودعم وأدوات قيمة لا تعرفها لمساعدتك في التنقل في رحلة اكتشاف الذات العليا وذاتك لأنهم يروا أمور أنت لا تستطيع رؤيتها بالوقت الحالي . يمكنهم مساعدتك في الكشف عن النقاط العمياء وكشف الأسرار من البرمجيات والبلوكات التي تمت برمجتك عليها دون وعي منك ، وتقديم إرشادات حول كيفية تطوير فهم أعمق لنفسك المليئة بالكنوز والأسرار. 

فوائد الوعي الذاتي 

يوفر بناء الوعي الذاتي العديد من الفوائد التي يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي ومذهل في جوانب مختلفة من حياتنا الرائعة. وفيما يلي بعض الفوائد الأساسية: 

1.  صناعة القرار عندما تكون واعيًا بذاتك، يكون لديك فهم أوضح لقيمك وأهدافك وأولوياتك وبرامج عقلك الباطن. يمكّنك هذا الوضوح والفهم من اتخاذ قرارات تتماشى مع ذاتك الحقيقية وأهدافك وتؤدي إلى قدر أكبر من الإنجاز والنجاح المستمر في حياتك . 

2. تعزيز الذكاء العاطفي الوعي الذاتي هو حجر الزاوية في الذكاء العاطفي. من خلال فهم مشاعرك الخاصة بعمقها، يمكنك إدارتها بشكل أفضل واتقان شديد والاستجابة لمشاعرك ومشاعر الآخرين مما سيزيد من حدسك وكشفك المشاعري الدقيق. وهذا يؤدي إلى تواصل أكثر فعالية وفائدة، وعلاقات أقوى وأعمق، وتحسين مهارات حل النزاعات والخلاف وتحصيل الحقوق مهما كانت. 

3. زيادة الثقة بنفسك عندما يكون لديك فهم عميق وواضح لنقاط قوتك وضعفك وقيمك وذاتك، فإنك تنمي شعورًا بالثقة بالنفس لا حدود لها من القوة. يتيح لك هذا الثقة بالنفس التغلب على التحديات والنكسات والحواجز والبلوكات بمرونة وتفاؤل بعون الله لأن هذا ما يسمى بتزكية النفس ، مع العلم أن لديك المهارات والموارد اللازمة للتغلب عليها ولكنك لم تكن تعرف كيف. 

4. تحسين العلاقات الوعي الذاتي يعزز قدرتك على الفهم والتعاطف مع الآخرين متى تريد دون التأثر بهم. فهو يسمح لك بالتواصل بشكل أكثر فعالية ووضوح مع قدرة عالية في التحكم ، وحل النزاعات والخلافات والمشاكل بشكل أكثر سهولة، وبناء اتصالات أعمق وأكثر فائدة مع من حولك من الإيجابيين دون التفكير بالغرائز. 

5. النمو الشخصي والتنمية الوعي الذاتي هو حافز للنمو الشخصي والتنمية الذاتية. ومن خلال فهم نفسك على مستوى أعمق بكثير، يمكنك تحديد مجالات التحسين واتخاذ خطوات مقصودة لتطوير مهارات جديدة والتغلب على التحديات وتحقيق أهدافك بكل سهولة ويسر بفضل الله.


وأخيراً تقبلك لنفسك وحبها الكامل سيجعلك تثق بها وهي ستجعلك ذو وعي مرتفع وبالتالي لديك الثقة الكاملة بالخالق الأعظم وهنا ستحصل على التطوير من المصدر من الله سبحانه إلى لا نهاية ، لا تنسى أبداً أن الاستعجال بالوصول للوعي سيجعلك بعيد كل البعد عنه وهذا ما يقع به معظم المبتدئين ، الهدوء هو السر ( والمسمى الديني هو الصبر ).   

أراك بكل حب أيها الواعي...

نضال اللحام